من الدفاع إلى التكنولوجيا.. هل تلجأ الهند إلى رفع استثماراتها في المغرب لتفادي "رسوم ترامب" المرتفعة؟
شهدت العلاقات الاقتصادية بين الهند والولايات المتحدة في الأشهر الأخيرة توترا تجاريا ملحوظا بعد أن فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسوما جمركية مرتفعة على الصادرات الهندية، مست القطاعات الحيوية مثل المنسوجات والمجوهرات والإلكترونيات.
هذه الرسوم التي وُصفت في نيودلهي بـ"العقابية"، بسبب الخلاف مع واشنطن على خلفية استمرار الهند في استيراد النفط الروسي، جعلت الكثير من المهتمين بالشؤون الاقتصادية الهندية، يتساءلون عن خطوة نيودلهي لتجاوز هذه العقبة، رغم وجود مؤشرات عن احتمالية تراجع ترامب عن تلك الرسوم أو خفضها عن النسبة الحالية التي تصل إلى 50 بالمائة.
من بين الحلول التي برزت بقوة على الساحة الدولية، هي توجيه الاستثمارات الصناعية نحو دول تربطها بواشنطن اتفاقيات للتبادل التجاري الحر، وهنا يحضر المغرب في الواجهة كأبرز الدول التي تمتلك هذه الاتفاقية، والتي منحت الرباط "بطاقة رابحة" لاستقطاب العديد من الاستثمارات الأجنبية، من أبرزها الاستثمارات الصينية.
وفي هذا السياق، يكتسب افتتاح مصنع "تاتا للأنظمة المتقدمة" في مدينة برشيد المغربية زخما خاصا، باعتباره أول استثمار صناعي هندي كبير خارج البلاد في مجال الصناعات الدفاعية، وفي وقت يتزايد فيه الضغط التجاري على نيودلهي من طرف واشنطن.
زيارة وزير الدفاع الهندي، راجناث سينغ، إلى المغرب التي بدأت أمس الاثنين وتنتهي اليوم الثلاثاء، لتدشين المصنع قد تكون أولى المؤشرات عن رغبة الهند نحو اللجوء للاستثمار في دول أخرى، مثل المغرب، لتفادي الرسوم الجمركية الأمريكية المرتفعة، حتى لو تراجعت واشنطن عنها مستقبلا.
وزير الصناعة والتجارة المغربي، رياض مزور، كشف في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء (رسمية)، أن الاستثمارات الهندية تضاعفت بالمملكة في السنوات الأخيرة، مشيرا إلى أن شركات هندية أخرى تباشَر بالفعل مشاريع في قطاع صناعة الدفاع، وهو ما يفتح الباب أمام توسع أكبر في المرحلة المقبلة.
وتتقاطع رغبتا الرباط ونيودلهي في مجال الاستثمار، حيث يرغب المغرب في تنويع حقيبته الصناعية، بإضافة الصناعة الدفاعية والتكنولوجية إلى صناعة الطائرات والسيارات، وفي المقابل يفتح الباب أمام الهند للرفع من استثماراتها الخارجية والاستفادة من الموقع الجغرافي للمملكة واتفاقياتها التجارية المساعدة.
مصادر دبلوماسية هندية وصفت لـ"الصحيفة" أن افتتاح مصنع "تاتا" في المغرب لانتاج المركبات المدرعة خطوة "غير مسبوقة"، مؤكدة أن المصنع المغربي هو الأول من نوعه خارج التراب الهندي، ومتوقعة أن يشكل نموذجا يمكن تكراره في دول أخرى مستقبلا.
ووقث المصادر نفسها، فإن أهمية هذا المشروع تتجاوز الطابع الصناعي والدفاعي، إذ يمثل مؤشرا على استعداد نيودلهي لتبني مقاربة جديدة تقوم على توزيع استثماراتها في مناطق توفر لها امتيازات تجارية مع شركاء عالميين.
هذه الدينامية تتقاطع مع ما صرحت به بارول بهاردواج، كبيرة الاقتصاديين في اتحاد الصناعة الهندية، التي أكدت في يونيو الماضي لـ"الصحيفة" أن المغرب أصبح وجهة واعدة للشركات الهندية، وأن وفوداً هندية متتالية تزور المملكة لاستكشاف فرص التعاون.
بهاردواج أوضحت أن المغرب يضم حاليا نحو 20 شركة هندية نشطة، مع توقعات بارتفاع العدد مستقبلا، خاصة في مجالات الصناعات التحويلية وتكنولوجيا المعلومات والطاقة والسيارات، إلى جانب الصناعات الدفاعية.
وبالنظر إلى حجم التبادل التجاري الحالي بين البلدين، الذي يبلغ حوالي 2.5 مليار دولار، فإن التوسع في الاستثمارات الصناعية قد يمثل أداة لتعزيز هذا الرقم بشكل كبير خلال السنوات المقبلة، خصوصا إذا استغل الطرفان الاتفاقيات التجارية التي يتيحها المغرب مع شركائه.





تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :