سفير المغرب لدى واشنطن: ترامب أوصل العلاقات بين واشنطن والرباط إلى أعلى مستوى وخلق دينامية ساعدت دولا عديدة على دعم مقترح الحكم الذاتي

قال السفير المغربي لدى الولايات المتحدة، يوسف العمراني، إن العلاقات بين المغرب والولايات المتحدة كانت تاريخيا متينة، وقد زادت قوتها خلال فترة الرئيس الحالي دونالد ترامب الذي أوصل - حسب تعبيره - العلاقات الثنائية إلى "أعلى مستوى"، مشيرا إلى أنه خلق دينامية ساعدت العديد من الدول على دعم مقترح الحكم الذاتي المغربي لحل نزاع الصحراء.

وأضاف السفير المغربي في مقابلة حوارية مع معهد "هودسون" الأمريكي، بُثت أمس على القناة الرسمية للمعهد باليوتيوب، أن الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء في سنة 2020 شكّل لحظة فارقة في مسار الحل السياسي لهذا النزاع الإقليمي، حيث أعقب هذا القرار توسع في الدعم الدولي، بما في ذلك من فرنسا والمملكة المتحدة وإسبانيا، وفتح الطريق لاعتماد الأمم المتحدة لمخطط الحكم الذاتي كحل واقعي وقابل للتطبيق.

وأوضح العمراني أن هذا الإنجاز لم يكن ممكنا دون رؤية واضحة وقيادة متواصلة من الملك محمد السادس، مؤكّدًا أن المغرب اليوم يمتلك منصة وإرادة سياسية متينة لمواصلة تطبيق مخطط الحكم الذاتي، بعد أن صوت مجلس الأمن بأغلبية واضحة لصالحه.

وأشار السفير إلى أن المغرب يعتبر شريكا موثوقا به بالنسبة للولايات المتحدة، بفضل قدرته على تحويل السياسات إلى نتائج ملموسة في مجالات الاستقرار، والتنمية الاقتصادية، ومحاربة التطرف، مشيرا إلى أن هذا ما يميّز العلاقات الثنائية ويجعل المغرب شريكًا استراتيجيا في شمال إفريقيا والشرق الأوسط.

وأوضح العمراني أن القارة الإفريقية تمثل أولوية استراتيجية للمغرب، نظرا للنمو السكاني والاقتصادي المتوقع، ولفت إلى أن تراجع الدور الأوروبي في الساحل يعزز أهمية الشراكة الأمريكية-المغربية في مجالات الأمن والاستقرار والتنمية.

وأكد  السفير أن المغرب يمتلك خبرة وأدوات لمكافحة التطرف الجهادي، موضحا أن الإسلام ليس دين كراهية وأن المغرب يساهم في تفكيك الخطاب المتطرف عبر تدريب الأئمة الأفارقة وتطوير برامج تعليمية متوافقة مع القيم الدولية، بما يعزز الاستقرار الإقليمي.

كما قال السفير إن المغرب لا يكتفي بإدارة الأزمات، بل يخلق الفرص الاقتصادية والتنموية عبر مشاريع كبرى مثل ميناء طنجة المتوسط وخط أنابيب الغاز نيجيريا-المغرب، التي تهدف إلى تعزيز الترابط بين شمال إفريقيا وجنوبها وربطها بأوروبا، كما تعمل على توفير الطاقة والموارد اللازمة لتعزيز النمو.

وأشار العمراني إلى دور المغرب في الاستثمار في البنية التحتية والصناعة والزراعة، مؤكدا أن المملكة أصبحت لاعبا رئيسيا في صناعة السيارات والطيران والطاقة النظيفة، ما جعلها مركزا مهما للاستثمار في إفريقيا، ويزيد من مصداقية المغرب كشريك اقتصادي موثوق به.

كما نوه إلى الدور الحيوي للقطاع الخاص في دعم المشاريع الكبرى، مشيرا إلى استثمارات البنوك وشركات الاتصالات وإدارة المياه في غرب إفريقيا، وهو ما يعكس قدرة المغرب على ربط اقتصاده بمحيطه الإقليمي وتحقيق التكامل مع الدول الشريكة.

وأكد السفير أن التعليم والتدريب يمثلان جزءا أساسيا من السياسة المغربية في إفريقيا، حيث يدرس آلاف الطلبة الأفارقة في المغرب ويعودون إلى بلدانهم حاملين الخبرة والمعرفة، مشددا على أن البعد البشري والقدرات البشرية المتخصصة يعدان عنصرين حاسمين في استقرار القارة.

وتطرق العمراني إلى العلاقات الإقليمية، والنزاع مع الجارة الجزائر، إذا قال إنه بعد قرار مجلس الأمن كرر الملك محمد السادس دعوته للجزائر والرئيس الجزائري لطي الصفحة والبدء في العمل معا على أساس قيم مشتركة "لأن في النهاية نتحدث نفس اللغة؛ كلنا مسلمون ويجب بناء شيء متماسك؛ لا يمكننا العيش دون التكامل الإقليمي".

وأضاف العمراني في هذا السياق، بأن هناك إمكانية لإنجاز ذلك "إذا كانت هناك إرادة سياسية قوية"، لكن لحد الآن لا يوجد أي رد من طرف الجزائر حسب العمراني، مشيرا إلى أن دعوة الملك شملت أيضا الصحراويين في مخيمات تندوف بالجزائر، إذ قال أن الملك فتح الأبواب أمهم "إن رغبوا في العودة والمشاركة في البناء معا لأننا اليوم في منطقتنا لا نحتاج إلى مزيد من الحدود بل نحتاج ربطًا أكبر، وإذا جمعنا مواردنا وقدراتنا البشرية يمكننا المضي قدما كثيرا".