لتسريع العمل الدبلوماسي بين البلدين.. بوريطة يستقبل السفير الأمريكي الجديد لتقديم أوراق اعتماده بعد يوم واحد من وصوله إلى الرباط
استقبل وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، أمس الثلاثاء، السفير الأمريكي الجديد ريتشارد ديوك بوكان الثالث، الذي قدّم أوراق اعتماده بعد أقل من 24 ساعة على وصوله إلى المغرب، في خطوة تعكس الرغبة في مباشرة العمل الدبلوماسي بشكل سريع وتعزيز التنسيق ورفع وتيرة التعاون الثنائي خلال المرحلة المقبلة.
وعبّر السفير بوكان، عبر حسابه الرسمي على موقع "إكس"، عن امتنانه وشكره للاستقبال الحار الذي حظي به من طرف الوزير المغربي، ناصر بوريطة، مشيرا إلى أن اللقاء شهد نقاشا ممتازا حول "سبل تعزيز العلاقات القوية أصلا بين المغرب والولايات المتحدة".
كما تؤشر هذه الخطوة على الأهمية الاستراتيجية التي توليها كل من المملكة المغربية والولايات المتحدة لعلاقتهما الثنائية، خاصة في ظل تنسيق مكثف حول الملفات الكبرى، وعلى رأسها ملف الصحراء، ولا سيما بعد تبني مجلس الأمن الدولي لقرار 2797 الذي يدعو أطراف النزاع إلى التفاوض على مقترح الحكم الذاتي المغربي، وهو القرار الذي كانت صاغته الولايات المتحدة باعتبارها "حاملة القلم".
السفير الأمريكي الجديد كان قد أكد خلال جلسة تثبيته في مجلس الشيوخ الأمريكي في الشهور الماضية أن الحكم الذاتي المغربي هو "الحل الوحيد الجاد وذو المصداقية والواقعية لإنهاء النزاع"، مشدداً على التزامه بالعمل على الدفع في اتجاه حل نهائي داخل هذا الإطار، وقد كان حاضرا إلى جانب ممثل الولايات المتحدة في مجلس الأمن الدولي خلال التصويت على القرار 2797 في 31 أكتوبر الماضي.
ويحل بوكان لتولي منصبه في الرباط بالتزامن مع الزخم الكبير الذي يعرفه ملف الصحراء خلال الفترة الأخيرة، إذ تستعد المملكة خلال الأشهر المقبلة لتقديم النسخة المفصلة من مخطط الحكم الذاتي إلى الأمم المتحدة، وقد يلعب التنسيق مع الولايات المتحدة في هذا الإطار دورا مهما في تسريع العملية.
وبالموازاة مع التحركات السياسية والتنسيق بين واشنطن والرباط في ملف الصحراء، فإن الجانب الاقتصادي سيكون له حضور بارز في فترة بوكان في المغرب، بالنظر إلى كونه من الدبلوماسيين المعروفين بقوة بخلفيتهم الاقتصادية، إذ تمتد تجربته بين الاستثمار والتجارة الدولية.
ويُعتقد أن الخلفية الاقتصادية للسفير الجديد ستلعب دورا مهما في تعزيز الاستثمارات الأمريكية بالمغرب، وخاصة في الأقاليم الجنوبية التي تشهد مشاريع كبرى في مجالات الطاقات المتجددة والموانئ والبنية التحتية، ولا سيما أن العديد من الشركات الأمريكية أعربت عن رغبتها في الاستثمار في الصحراء، انسجاما مع اعترافها بسيادة المغرب على كامل أراضيه.
وكان السفير المغربي لدى واشنطن، يوسف العمراني، بدوره قد أكد خلال مقابلته الحوارية مع معهد "هودسون"، وجود العديد من الشركات الأمريكية التي ترغب في الاستثمار في الأقاليم الجنوبية للمملكة، وهو ما يُتوقع أن يحدث في الشهور والسنوات المقبلة.
كما أن تصريحات بوكان خلال جلسات تثبيته في مجلس الشيوخ الأمريكي، كسفير لواشنطن لدى الرباط، أكدت أن لديه رغبة واضحة في دعم التوسع الاستثماري الأمريكي في المغرب، بما يشمل الصحراء، خصوصا في مجالات التكنولوجيا والفلاحة والطاقة والنقل، ما يفتح الباب أمام مرحلة اقتصادية جديدة بين البلدين.
هذا ويراهن المغرب بشكل واضح على المرحلة الرئاسية الحالية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإحداث اختراق نهائي في مسلسل تسوية نزاع الصحراء، مستندا إلى الدعم القوي الذي قدّمته الإدارة الأمريكية منذ اعتراف واشنطن بسيادة المملكة على أقاليمها الجنوبية سنة 2020.
وتعتبر الرباط أن عودة ترامب إلى البيت الأبيض أعادت الزخم لهذا المسار، خصوص أن مواقفه العلنية تعتبر الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية الحل الوحيد الجاد والواقعي لإنهاء النزاع، ما يمنح المغرب فرصة دبلوماسية نادرة للدفع نحو تبني هذا التصور كمرجعية نهائية داخل الأمم المتحدة.
وفي هذا السياق، تكثف المملكة تحركاتها السياسية والدبلوماسية بالتنسيق مع العديد من الحلفاء، وعلى رأسهم واشنطن من أجل الانتقال إلى مرحلة أكثر تقدما في مسار الحل، خاصة مع تحضير المغرب لتقديم الصيغة المفصلة لمخطط الحكم الذاتي خلال الأشهر المقبلة.
ويعتقد العديد من المهتمين بملف الصحراء أن الدعم الأمريكي، في ظل رئاسة ترامب، يوفر قوة دفع كبيرة لتحويل المقترح المغربي إلى إطار معتمد بشكل صريح من المجتمع الدولي، في وقت تعمل فيه الرباط على توسيع دائرة الدول المساندة، وتعزيز حضورها الاقتصادي والاستثماري في الأقاليم الجنوبية باعتبارها جزءا من مقاربة الحل على الأرض.




