تارودانت.. مدينة تتنفس التاريخ وتحتضن أصالة سوس، وملاذ جاك شيراك من الصخب الباريسي
تبدو تارودانت التي تنتمي ترابيا لجهة سوس ماسة، ويبلغ عد سكانها 82.817 نسمة حسب الإحصاء العام للسكان لسنة 2024، مدينةً تستيقظ كل مرة على وجه جديد من وجوه أصالتها، حقيقتها الأعمق تنبض خلف الأسوار المنيعة وأبوابها القديمة التي تفتح أعين زائرها على عوالم تجمع بين سكينة المدن العريقة وثراء الحكايات المتوارثة... هناك، حيث تختلط الفلاحة بالضيافة وتلتقي الذاكرة الشعبية مع الفن، تبدو تارودانت مدينة تعيد إنتاج نفسها دون أن تتخلى عن جوهرها الأول.
إسم عريق.. بين التاريخ بالأسطورة
في أصل تسمية تارودانت، تناسلت الروايات جيلا بعد جيل، بين من يُرجعها إلى صيحة أُم فقدت أبناءها في فيضان هائل، فأطلقت بالأمازيغية عبارة "تاروا دن" أي "ذهب الأبناء"، وبين من يربطها بجغرافيا السهل الخصيب المحاط بالوديان، أو من يحمِّل الكلمة إشارة إلى التين في الثقافة المحلية، ورغم تضارب التأويلات، بقي المؤكد أن المدينة حافظت على اسمها منذ قرون، حاملةً رمز الوفاء المتجذر في الذاكرة السوسية.
في سردية التاريخ الوسيط، تتقدم المدينة كعُقدة مركزية في سياسة المنطقة، تارة بوصفها ملتقى القوافل، وتارةً باعتبارها حصنا يحتمي به مناضلو سوس، ثم جاءت اللحظة السعدية التي حملت لتارودانت مجدها الأكبر من عمران مزدهر، تجارة مزدهرة، وأسوار تلتف حولها كالأذرع، تشهد على مدينة بلغت ذروة قوتها.

وفي محطة أخرى من مسار الحاضرة، تتجدد حكاية تارودانت حين تتحول إلى قاعدة للجهاد ضد الوجود البرتغالي على سواحل سوس، خاصة بعد اجتماع الكلمة حول الشريف محمد بن عبد الرحمان سنة 1510، كانت المدينة آنذاك أشبه بثكنة روحية، ينطلق منها المجاهدون نحو حصن "سانتا كروز" بأكادير، موحدين الكلمة بين السيف والإيمان.
ورغم التحولات التي عرفتها المنطقة مع بروز مدن أخرى في محيطها مثل الصويرة وأكادير وتزنيت، لم تغادر تارودانت موقعها كحاضنة للعلم والفكر، حيث أنجبت فقهاء وعلماء ومؤرخين تركوا بصمتهم في الذاكرة المغربية.
وتظل تارودانت اليوم خليطا مدهشا من الماضي والحاضر، مدينة تُرى كما لو أنها توقفت عند زمن معين، لكنها في العُمق تحافظ على نبض الحركة، وعلى روح الثورة الدائمة التي رافقتها عبر العصور، من أيام السعديين إلى عهد الدولة العلوية.
ولا تزال بعض أساطير المدينة تُهمَس في جلسات الليل داخل الرياضات التقليدية، حيث يتحدث كبار السن عن "تارودانت الحقيقية" قبل أن تغطيها الحداثة بطبقة خفيفة لا تستقر طويلا، ومع ذلك، بقيت المدينة متصالحة مع قديمها، الأسواق العتيقة لا تزال تنبض، الحرف اليدوية مستمرة، والأبواب التي تفتح المدينة على جهاتها لا تزال شاهدة على صلابة المكان أمام تحولات البلاد.
الطريق إلى تارودانت.. خارطة سفر تتبدّل فيها الملامح
إذا قررت التوجّه إلى تارودانت، فاستعدّ لرحلة لا تشبه أي مسار آخر في جنوب المغرب، المدينة لا تستقبلك مباشرة، بل تُمهّد لك وصولا تدريجيا، عبر طبيعةٍ تتغيّر ألوانها وروائحها وحرارتها كلما اقتربت منها، كأنها تبني لك مفتاح قراءة قبل معانقة أساور المدينة، إنها رحلة تُكتب بصيغة المشاهد المتتابعة، لا بصيغة المسافات والأرقام.
من مراكش نحو الجنوب عبر الطريق السيار A3 ثم الطريق الجهوي R122، ستقطع حوالي 270 كيلومترا تمتد على ثلاث ساعة ونصف تقريبا بواسطة السيارة، لكن الأهم ليس الزمن، بل التحوّل الذي ستشاهده عبر الزجاج، فالهضاب التي تكتسي ألوان البني والرمادي تبدأ بالتراجع بعد بضع عشرات من الكيلومترات، ليُفسخ المجال للمرتفعات الجبلية، ثم البساتين التي ترافقك لمسافات طويلة وكلما اقتربت من سهل سوس، يصبح الهواء أخفّ ورائحة التراب أكثر دفئا، كأنك تنتقل من فصل إلى آخر دون أن تغادر الطريق.

القادم من أكادير عبر الطريق الوطنية رقم N10 أو الطريق الوطنية رقم N11 سيطقع مسافة 82 كيلومترا في الأولى و89 كيلومترا في الثانية، ولن يستغرق أكثر من ساعة ونصف لبلوغ تارودانت، لكن الرحلة القصيرة تحمل مفاجآت كثيرة، البداية من زرقة الأطلسي وهمس الأمواج، ثم تنقلب المشاهد تدريجيًا إلى طبيعة داخلية ذات ألوان أكثر رسواخا حيث تستقبل الطريق قرى ومداشر مبهرة كالكرارمة والكفيفات وسبت الكردان، هنا، تشعر أن السهل يفتح ذراعيه لك، وأن الطريق لا يعود مسارا هندسيا، بل ممشى يؤدي بك إلى مدينة ما زالت تحافظ على شكلها القديم.
لمن يفضل السفر جوا، يظل مطار أكادير المسيرة الأقرب، إذ لا يبعد سوى بـ 67 كيلومترا عن قلب تارودانت، ومنذ خروجك من المطار، ستلاحظ تحوّل المشهد من ساحل إلى سهل، ومن ضباب البحر إلى نقاء الهواء الداخلي، وتُعد سيارات الأجرة الكبيرة الخيار الأكثر شيوعا، إذ تنطلق من قرب المحطة الطرقية بمراكش و بأكادير، وثمن الرحلة في حدود 40 إلى 50 درهمًا من أكادير، وبين 100 و120 درهما من مراكش حسب الموسم وسعة السيارة.
كما تؤمّن الحافلات الإقليمية والوطنية رحلات يومية نحو تارودانت، وتظل خيارا مفضلا لمن يبحث عن سفر اقتصادي ومريح، وللزائر الراغب في الحرية أثناء التوقف بين الواحات والقرى، تتوفر سيارات الكراء في المدينتين بكثافة، وتتراوح أسعارها عادة بين 200 و350 درهمًا لليوم الواحد، أما النقل السياحي، فهو حاضر بقوة لدى وكالات الأسفار، خصوصا للقادمين من أكادير، ويُعد الأنسب للمجموعات والعائلات، بينما تسمح خدمات النقل الخاص المُنطلِقة من المطارات أو الفنادق بالوصول مباشرة إلى أبواب المدينة دون توقف.
المدينة التي احتضنت جاك شيراك
ارتبط الرئيس الفرنسي الراحل، جاك شيراك مع مدينة تارودانت برِباط إنساني، فقد وجد في هذه المدينة المغربية امتدادًا لروحه أكثر مما وجد في أي مكان آخر بعد مغادرته قصر "الإليزي"، ومنذ سنوات حكمه التي امتدت لـ12 عاما، ثم خلال مرحلة التقاعد، كان يعبر إليها كل عام تقريبا، خاصة في عطلة نهاية السنة.
ومع توالي زياراته المنتظمة، تحولت تارودانت بالنسبة إليه إلى بيتٍ ثانٍ، لا يُشبه أي محطة في تقلبات حياته السياسية والشخصية، فقد كان شيراك يجد في سكينتها ما يعوّض صخب العاصمة الفرنسية باريس وتقلباتها، وفي دفء أهلها ما يخفّف عنه وطأة الشيخوخة وصعوبات المرض، لهذا السبب، كان سكان المدينة يلقّبونه بـ"الروداني جاك شيراك"، تعبيرا عن مكانة لم تُمنح لأي شخصية سياسية أجنبية قبلَه.

وقد جاءت إقامته في تارودانت بفضل التفاتة خاصة من الملك محمد السادس، الذي وضع تحت تصرفه مزرعة واسعة في محيط المدينة، تحوّلت عبر السنوات إلى ملاذ دائم له ولزوجته برناديت، كانت تلك المزرعة بمثابة فضاء معزول، يتيح للرئيس السابق أن يعيش بعيدا عن البروتوكولات الثقيلة، وأن يستقبل زواره في ظروف تحفظ خصوصيته وتراعي وضعه الصحي، هناك، كان يقضي أياما طويلة بين البساتين والممرات الترابية، مستمتعا بطقس المنطقة الدافئ الذي كان يمنحه قدرة إضافية على تحمّل مشكلات القلب والتنفس التي عانى منها في سنواته الأخيرة.
وهكذا، لم تكن علاقة شيراك بتارودانت علاقة عابرة أو سياحية، بل كانت ارتباطا حقيقيا بمدينة احتضنته، وقدّم لهُ مَلِكُها إقامة كريمة لسنوات طويلة، وجعلت منه جزءا من ذاكرتها الجماعية، كما أصبح هو أحد أبرز الوجوه التي أحبتها المدينة.
أسوار وأسواق تارودانت.. رحلة بين التاريخ والحاضر
يمكنك أن تبدأ جولتك في تارودانت عند أسوار المدينة الممتدة على طول 7,5 كيلومترات، والتي تُعد أبرز معالمها السياحية، الأسوار الترابية التي تحيط بالمدينة تمنحها لقب "مراكش الصغيرة"، وهي أكثر سحرًا عند الغروب، حين تتلون بألوان الشمس الذهبية، يمكنك التجول بين الأسوار سيرا على الأقدام، أو بالدراجة، أو في عربة تجرها الخيول لتستمتع بالمناظر وتعيش تجربة فريدة من نوعها.
على مقربة من الأسوار، توجد دار الدباغة غير بعيد عن "باب تارغونت"، حيث تتم معالجة جلود الأغنام والماعز والجمال، خذ الوقت لتتأمل هذه الحرفة العريقة، وتجول في المحلات القريبة لاكتشاف منتجات محلية مثل الحقائب الجلدية، الوسائد، والصنادل التقليدية...
بعد ذلك، اتجه إلى قلب المدينة لتستكشف أسواق تارودانت، التي تمثل روح الحياة اليومية، النشاط يتركز حول الساحة الرئيسية، حيث ستجد سوق الصناعة التقليدية في متاهة الأزقة، ويعرض الحرفيون منتجاتهم من دباغة الجلود، الخزف، النحاس، الحديد، السجاد والمجوهرات، لا تفوت فرصة زيارة السوق التقليدي الأكثر نشاطا، حيث الزقاق المركزي يعج بالبازارات، الصيدليات، ومحلات الملابس، لتستمتع بألوان المدينة وروائحها الأصيلة.

أما سوق الأحد الأسبوعي خارج أسوار المدينة، فهو تجربة مدهشة لمحبي الأسواق الشعبية، ستجد هناك منتجات قادمة من القرى المجاورة، بما في ذلك المواشي، الأعشاب، الفواكه، الخضروات، التوابل، والملابس المستعملة، كما تنتشر المقاهي والمطاعم تحت الخيام، لتتيح لك فرصة التوقف والاستراحة وسط أجواء السوق النابضة بالحياة، للوصول إليه، يمكنك ركوب سيارة أجرة صغيرة أو عربة تقليدية لتعيش تجربة التنقل الأصيلة في تارودانت.
الدراجات الهوائية التي ترسم ملامح تارودانت
إن سألت أي شخص هنا عمّا يميز تارودانت، سيجيبك دون تردد "ناسها" أي ساكنتها، ففي المدينة روح اجتماعية متماسكة، تربط السكان بروابط الجوار والعائلة والحرفة، كبار السن يجلسون في الظل قرب الأسوار، يراقبون حركة النهار كما لو كانوا جزءا من المشهد الحضري نفسه.
والأطفال الذين يملؤون الأزقة يدركون حدود مدينتهم جيدا، يعرفون أين ينتهي السوق وأين يبدأ الحي، وأين يمكن اللعب وأين يجب التوقف احتراما للكِبار، النساء من جهتهن يشكلن العمود الصلب للحياة اليومية، يذهبن للسوق في الصباح، يشترين ما يلزم للبيت، ثم يعدن في هدوء قبل أن يبدأ الحر في الارتفاع.
وفي المقاهي الصغيرة المتناثرة في ساحات المدينة، يستطيع الزائر أن يلتقط جزءا من نبضها الحقيقي، الحديث هنا يدور حول الأسعار، عن المطر، عن مباريات كرة القدم، وأحيانا عن السياسة في حدود ما يسمح به المزاج العام، إنه فضاء اجتماعي صريح وتلقائي، بعيد عن تكلّف المدن الكبرى.
ولا يمكن تجاهل المشهد الأكثر تميّزا في المدينة، آلاف الدراجات الهوائية التي تسير في الأزقة الضيقة بانسيابية مذهلة، حيث تحتضن كل منزل ثلاث دراجات على الأقل، ما أكسب تارودانت لقب "أمستردام المغرب"، ستندهش من اعتياد السكان على هذه الحركة، رجالاً ونساء، شبابا وأطفالا، فبرغم ضيق الأزقة، تتناغم الدراجات الهوائية مع السيارات والدراجات النارية والمشاة، لتعيش تجربة فريدة من نوعها في أعرق مناطق سوس.
الأكل والإقامة في تارودانت.. رحلة في نكهة وسحر سوس
عندما تخطط لزيارة تارودانت، لا تضع في ذهنك فقط اكتشاف الأسوار والأسواق، بل أيضا تجربة المذاق الأصيل للمدينة والإقامة في قلب تاريخها، ابدأ جولتك من الأسواق التقليدية، حيث تمتزج روائح المأكولات لتغريك منذ اللحظة الأولى، ستجد عبق الخبز الطازج المنبعث من الأفران، يتخلله نفحات "السمن الحار" والبهارات السوسية، فيما يُسكب الشاي المغربي في المقاهي الشعبية ليكتمل المشهد الحسي.
اتجه بعد ذلك إلى الطواجن المميزة، طاجين اللحم بالخضروات، طاجين البرقوق باللوز، وطاجين الدجاج بالليمون والزيتون الأخضر، كلها أطباق تأخذك في رحلة عبر المطبخ القروي العميق لتارودانت، لا تنسَ الكسكس الروداني، المُحضّر بالخضار الموسمية، والذي يقدم غالباً يوم الجمعة، والطنجية الرودانية التي تحضر وفق طقوس خاصة، إلى جانب أملو، المكون من الأركان والعسل واللوز المحمّر، رمز الضيافة السوسية، الذي يقدم مع الخبز الساخن ليكون فاتحة لكل يوم جديد.

وبالنسبة للإقامة، لديك خيارات متعددة تناسب كل رغبات الزائر، إذ يمكنك السكن داخل المدينة العتيقة لتعيش تجربة حميمة بين الجدران البيضاء والأبواب الخشبية المنقوشة، والفناءات الداخلية ذات النوافير الصغيرة، أما إذا فضلت الإقامة خارج الأسوار، فستجد فنادق عصرية ومنتجعات هادئة، بعضها مصمم على الطراز الترابي لسوس مع حدائق واسعة وحمامات سباحة، ويجمعها جميعا روح الضيافة ودفء التعامل المحلي.
خلال زيارتك، ستلاحظ أن أصحاب الرياضات والفنادق غالبا ما يكونون من أبناء المنطقة، يرحبون بك ويقدمون لك نصائح حول أفضل أماكن الأكل، وأحيانا يوجهونك إلى مطاعم "ما يعرفها غير أهل الدار"، حيث الطعم الحقيقي للتارودانت التي تتوارثه العائلات جيلا بعد جيل.
خطوة بخطوة إلى تيوت.. تجربة أصيلة بين قصبة عريقة وواحة خضراء
إذا اخترت أن تبتعد قليلا عن صخب المدن الكبرى، فإن رحلتك إلى واحة وقلعة تيوت ستأخذك في رحلة عبر الزمن، بين التاريخ العريق والطبيعة الخصبة، تقع الواحة على بعد نحو 31 كيلومترا فقط من تارودانت، ما يجعلها وجهة مثالية لهروب قصير من المدينة إلى قلب الطبيعة والتاريخ.
تبدأ الطريق عبر مناظر ساحرة وبمجرد وصولك، سترى على تل مرتفع قصبة تيوت الشامخة، كأنها تحرس واحة النخيل الممتدة تحتها، شاهدة على مجد الدولة السعدية ومركز استراحة أمرائها.
قبل الاقتراب من القصبة نفسها، ستغوص بين أشجار الزيتون والبرتقال والرمان والخروب، مع أكثر من عشرين ألف نخلة تحيط بك من كل جانب، لتشعر بأنك دخلت متاهة خضراء صافية القنوات المائية القديمة تنقل المياه بانتظام، لتخلق جوا هادئا من الانتعاش، يجعلك تتوقف للتقاط أنفاسك والاستمتاع بالمناظر.

داخل الواحة، تتوزع دواوير عديدة مثل "إيكودين" و"تكاديرت ن دوج" و"أزور" و"أكرايز"، وكلها تضيف إلى الرحلة لمسات من الحياة القروية الأصيلة، حيث يعتاش السكان من زراعة الحبوب وثمار النخيل، ويستقبلون الزائر بابتسامة وكرم يعكس عراقة المكان، وهناك يمكنك أيضا التوقف عند بعض المطاعم والمقاهي، سواء التقليدية منها التي تقدم وجبات سوسية أصيلة وسط ظلال النخيل، أو الحديثة التي تمزج بين الراحة واللمسة التراثية للواحة.
وصولك إلى قصبة تيوت نفسها تجربة لا تُنسى جدرانها المهيبة وأسوارها الثلاث تحكي تاريخ السعديين، من المخازن الكبرى إلى القاعات الفسيحة وقاعات الاستقبال، وصولا إلى المعتقلات السرية، عند التجول بين الممرات، ستشعر بعظمة المكان الذي شهد مراسم المبايعة التاريخية للسلطان السعدي القائم بأمر الله، ومرّ عليه قادة ورجالات سوس.
عندما تغادر..
تارودانت لا تقدّم نفسها كوجهة عابرة، إنها مكان يلتصق بالذاكرة، قبل المغادرة، خذ لحظة عند أسوارها، انظر إلى لون الطين عند الغروب، استمع إلى صوت سيارة عابرة في الأزقة الضيقة، واشمّ رائحة الكمون القادمة من أحد البيوت.. عندها فقط ستدرك أن المدينة ليست مجرد محطة، بل تجربة تجعل العودة أمرا شبه محتوم.




