تصريحات رئيس جنوب إفريقيا الأخيرة حول قضية الصحراء تثير قلق البوليساريو وتدفع زعيمها إلى بعث رسالة خاصة إلى رامافوزا
في خطوة تشير إلى وجود قلق لدى جبهة البوليساريو الانفصالية ومعها الجزائر، من التصريحات التي أدلى بها رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوز، مؤخرا، والتي أقر فيها بانتصار مجلس الأمن الدولي في قراره الأخير لمقترح الحكم الذاتي المغربي، بعث زعيم الجبهة الانفصالية رسالة خاصة إلى رامافوزا أمس الجمعة.
وحسب ما أوردته ما وكالة الأنباء التابعة لجبهة البوليساريو، فإن زعيم الجبهة الانفصالية إبراهيم غالي، بعث بمحمد يسلم بيسط الذي يشغل منصب ما يُسمى بـ"وزير الخارجية الصحراوية"، إلى العاصمة بريتوريا، حيث استقبله رئيس جنوب إفريقيا، سيريل رامافوزا في القصر الرئاسي يومه الجمعة.
وأضاف المصدر نفسه، أن بيسط سلم للرئيس الجنوب إفريقي رسالة خاصة من طرف إبراهيم غالي، مشيرا إلى أن الهدف منها إطلاع الرئيس سيريل رامافوزا على ما وصفه بـ"آخر تطورات كفاح الشعب الصحراوي وقضيته العادلة، بالاضافة إلى أهم القضايا ذات الاهتمام المشترك، وسبل تطوير ورفع من مستوى العلاقات الثنائية".
غير أن توقيت بعث هذه الرسالة، يعكس بشكل قاطع وجود قلق في أوساط البوليساريو من التصريحات التي أدلى بها رئيس جنوب إفريقيا، خلال الدورة الخامسة للمجلس الوطني العام لحزب المؤتمر الوطني الإفريقي يوم الثلاثاء الماضي، حيث اعترف بأن قرار مجلس الأمن رقم 2797 يؤيد بشكل صريح مخطط الحكم الذاتي المغربي باعتباره الحل السياسي الحقيقي لقضية الصحراء.
واعترف رامافوزا في كلمته بأن هذا القرار يُضعف ما سماه بـ"نضال شعب الصحراء الغربية" من أجل "تقرير المصير"، على اعتبار أن قرار مجلس الأمن الدولي أيّد "بقوة مخطط الحكم الذاتي المغربي باعتباره "الحل الأكثر قابلية للتطبيق"، حسب تعبيره، مشيرا إلى أن القرار "يُمثل تحولا عن المواقف السابقة للأمم المتحدة بخصوص إجراء استفتاء حول تقرير المصير."
وما يُثير قلق البوليساريو من هذا التصريح، وفق قراء العديد من المتتبعين لملف الصحراء، هو أن جنوب إفريقيا أقرت بشكل علني بانتصار مجلس الأمن الدولي لمقترح الحكم الذاتي المغربي باعتبار الحل الأكثر قابلية للتطبيق، بخلاف المواقف التي أعربت عنها الجزائر وجبهة البوليساريو اللتان حاولتا التقليل من أهمية قرار 2797.
كما تخرج جنوب إفريقيا بهذه التصريحات التي أدلى بها رامافوزا من حالة "شبه الإجماع" في المواقف التي كانت تطبع مواقف جنوب إفريقيا والجزائر والبوليساريو، بشأن القرارات الدولية بخصوص قضية الصحراء، وهو ما يُعتقد أنه سبب القلق الذي ينتاب البوليساريو، ومعها الجزائر، البلد المحتضن للجبهة الانفصالية.
وتجدر الإشارة إلى أن جنوب إفريقيا كانت منذ عقود من أكثر الداعمين لجبهة البوليساريو في أطروحة الانفصال إلى جانب الجزائر، إلا أنه في السنوات الأخيرة، بدأت تحدث تحولات تدريجية ملموسة في بريتوريا، من بينها إعلان الرئيس السابق للبلاد، جاكوب زوما، دعمه لحل نزاع الصحراء في إطار الحكم الذاتي المغربي، وهو الموقف الذي يتبناه في حزبه " أومكونتو وي سزوي" المعروف اختصارا بـ"MK" الذي يُعد أحد أقوى الأحزاب في البلاد حاليا.
كما يجدر الذكر أن المغرب يعمل حاليا على ورش تفصيل مقترح الحكم الذاتي بعد تبنيه من طرف مجلس الأمن الدولي في قراره الأخير، إذ أقدمت الأحزاب المغربية مؤخرا على تقديم مذكرات تصوراتها إلى الملك محمد السادس، في انتظار دراسة التصورات والخروج بتصور شامل لتقديمه إلى الأمم المتحدة للتفاوض عليه كإطار لحل نزاع الصحراء.




