الجالية المغربية تواصل تصدر المشهد الديمغرافي للهجرة في إسبانيا
تواصل الخريطة الديمغرافية للهجرة في إسبانيا تسجيل تحولات لافتة، في ظل تزايد أعداد الجاليات الأجنبية، وعلى رأسها الجالية المغربية التي ظلت لعقود الأكثر حضورا واستقرارا داخل المجتمع الإسباني، غير أن معطيات حديثة تشير إلى بروز الجالية الفنزويلية كرقم صاعد، خصوصا في العاصمة مدريد، حيث تجاوز عدد الفنزويليين المقيمين عتبة 200 ألف شخص خلال سنة 2025.
وحسب أرقام حديثة صادرة عن المعهد الوطني الإسباني للإحصاء، بلغ عدد الفنزويليين المقيمين في مدينة مدريد حوالي 210.408 أشخاص، وهو رقم يضع هذه الجالية في مستوى عددي يقارب مجموع بعض الجاليات الكبرى التقليدية، من بينها الجالية المغربية، التي تُعد تاريخيا من أكثر الجاليات الأجنبية استقرارا وانتشارا في إسبانيا، سواء من حيث الامتداد الجغرافي أو الاندماج الاجتماعي والاقتصادي.
وتشير تقديرات إعلامية إسبانية إلى أن هذا النمو المتسارع في أعداد الفنزويليين يرتبط بشكل مباشر بتدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية في فنزويلا، مقابل استمرار إسبانيا، التي تضم واحدة من أقدم وأكبر الجاليات المغربية في أوروبا، في لعب دور مركزي كوجهة هجرة رئيسية من الضفتين الجنوبية واللاتينية.
وتفيد المعطيات المتوفرة بأن متوسط الزيادة السنوية في أعداد الفنزويليين المقيمين بإسبانيا منذ سنة 2021 بلغ نحو 22 ألف شخص، مع تسجيل سنوات تجاوزت فيها الزيادة 27 ألفا، وهو تطور يوازي، من حيث الوتيرة، مراحل سابقة من استقرار الجالية المغربية، التي راكمت حضورها على مدى عقود عبر العمل والاستقرار العائلي والارتباط البنيوي بسوق الشغل الإسباني.
وفي هذا السياق، كشفت وزارة الداخلية الإسبانية أن فنزويلا تصدرت قائمة الدول المصدرة لطلبات اللجوء خلال سنة 2025، مسجلة ارتفاعا بنسبة 23,69 في المائة مقارنة بسنة 2024، إذ توصلت السلطات الإسبانية، ما بين يناير وأكتوبر من السنة نفسها، بنحو 121.990 طلب لجوء، كان أكثر من 71 ألفاً منها مقدماً من مواطنين فنزويليين.
ويعكس هذا الارتفاع تحولات في مسارات الهجرة الدولية، حيث أعاد عدد من المهاجرين، خصوصا من أمريكا اللاتينية، توجيه وجهتهم نحو أوروبا، في مقابل تشديد السياسات الهجرية في الولايات المتحدة، في وقت تظل فيه الجالية المغربية نموذجا لهجرة مستقرة وطويلة الأمد داخل إسبانيا.
وتؤكد أرقام رسمية أن عدد الفنزويليين المقيمين في عموم إسبانيا يقترب حاليا من 400 ألف شخص، بعد أن لم يتجاوز 25 ألفا في بداية الألفية، وهو تطور سريع يعكس عمق الأزمة في بلدهم الأصلي، مقارنة بالجالية المغربية التي حافظت، رغم التحولات، على موقعها كأكبر جالية أجنبية في إسبانيا، من حيث العدد والانتشار والروابط الاقتصادية والاجتماعية.



