محمد صلاح.. أيقونة الكرة المصرية بعد أن صنع مجده بالإصرار والعزيمة
ينظر إلى اللاعب المصري محمد صلاح كمصدر إلهام بالنسبة للجيل الصاعد، وذلك بفضل مساره وإنجازاته في عالم الكرة المستديرة.
فمن ناد إلى آخر، ومن بطولة إلى أخرى، صار محمد صلاح شعلة تلهب حماس الجماهير وتلهم الحالمين.
لكن ما يجعل قصته أكثر توهجا ليس فقط حصاد الأهداف، بل تلك الحكاية الخلفية التي ترافق مسيرته، علاقته بالفرق التي عبرها، وكيف ترك في كل محطة أثرا يشبه توقيعا يصعب تقليده.
من نجريج في محافظة الغربية بدأ محمد صلاح، لكن قصته الحقيقية مع كرة القدم انطلقت في نادي المقاولون العرب بالقاهرة، حيث انضم إلى فريق الشباب بالنادي وهو في سن صغيرة، حاملا معه حلم تحقيق ذاته في عالم الرياضة. في المقاولون لم يكن صلاح نجما بارزا على الفور، بل كان شابا سريع الحركة، مثابرا، يسعى لإثبات نفسه في كل تدريب ومباراة.
ظهوره الأول مع الفريق الأول في سن سبعة عشر عاما كان لحظة فاصلة، أظهرت موهبته وقدرته على تسجيل الأهداف والمراوغة بسرعه فائقة. هنا تعلم الانضباط والعمل الجاد، واكتسب الثقة التي مهدت له الطريق نحو الاحتراف في أوروبا. كل هدف سجله وكل تمريرة قام بها كانت خطوة نحو الشهرة وجعلت من المقاولون العرب محطة أساسية في رحلته.
في عام 2012، انتقل صلاح إلى نادي بازل السويسري، لتبدأ رحلته في أوروبا. ساهم في تتويج الفريق بالدوري السويسري الممتاز موسم 2012-2013 وموسم 2013-2014، وبرز كلاعب سريع وجريء، قادر على اختراق الدفاعات واستثمار المساحات بذكاء. تلك المرحلة شكلت البداية الحقيقية لشهرته في أوروبا وجعلت الإعلام والمراقبين يتابعونه باهتمام كبير.
وجاءت تجربة تشيلسي الإنجليزي في يناير 2014 لتشكل اختبارا للموهبة والإصرار، لم يحصل صلاح على فرص اللعب المنتظمة، لكنه خرج منها بعقلية جديدة "إما أن تصنع نفسك أو يحدد الآخرون مستقبلك". كانت التجربة قصيرة لكنها تركت شرارة تدفعه الى إثبات قدرته في كل محطة جديدة.
ثم أتت محطة إيطاليا لتكون المكان الذي سينضج فيه صلاح. مع فيورنتينا على سبيل الإعارة عام 2015، أثبت مهارته وسجل أهدافا مهمة، قبل الانتقال إلى روما في صيف 2015، حيث تحول إلى أحد أبرز الأجنحة في الدوري الايطالي. سجل صلاح 29 هدفا في 65 مباراة خلال موسمين، وأصبح لاعبا متكاملا يحمل مشروعه وليس مجرد موهبة عابرة.
ويأتي نادي ليفربول في يونيو 2017، ليوقع معه صلاح ويكتب الأخير فصلا جديدا في مساره الكروي. سجل في موسمه الأول 32 هدفا في الدوري الإنجليزي الممتاز، محطما الرقم القياسي للنادي. وساهم في قيادة الفريق إلى الفوز بدوري أبطال أوروبا موسم 2018-2019، وكأس السوبر الأوروبي وكأس العالم للأندية في 2019، قبل أن يحقق ليفربول الدوري الإنجليزي الممتاز في موسم 2019-2020 بعد غياب ثلاثين عاما.
وفي الموسم التالي 2020-2021، واصل "مو صلاح" كما يحب الجمهور مناداته، تألقه بتسجيل 29 هدفا في جميع المسابقات، كما أضاف المزيد من الإنجازات الفردية والجماعية إلى سجله الحافل، مؤكدا مكانته كواحد من أفضل لاعبي العالم في جيله.
وعلى الصعيد الدولي، ظهر صلاح للمرة الأولى مع المنتخب المصري في 2011، وحمل الرقم عشرة، وشارك في كأس العالم 2018 في روسيا وسجل هدفا في مرمى السعودية.
رغم غياب لقب كأس الأمم الافريقية عن خزائنه، ظل صلاح يشكل القلب النابض للمنتخب المصري، مسجلا أهدافا وحضورا قويا في كل نسخة من البطولة، وحاملا شعار الوطنية والإصرار على النجاح رغم كل التحديات.
محمد صلاح اليوم ليس مجرد لاعب كرة قدم، بل هو صورة للمثابرة والموهبة التي وصلت إلى العالمية. هو مصدر فخر لمصر وأيقونة للشباب العربي، ومع كل مباراة جديدة يضيف فصلا جديدا في رحلته، ويؤكد أن العمل والإصرار يمكن أن يصنعوا أساطير حقيقية. سرعته المذهلة، قدرته على المراوغة والانتهاء أمام المرمى، ومرونته في اللعب على أي من الجناحين أو كمهاجم مركزي جعلت منه لاعبا لا يمكن تجاوزه.
يواصل محمد صلاح رحلته، ورغم كل البطولات التي حققها على صعيد الأندية، يظل حلم شاب نجريج التتويج بالكأس القاري الغائب عن خزائن ألقابه كلاعب.




