من كازاخستان إلى فيبورغ.. محاولة سبعة مغاربة للوصول إلى فنلندا تنتهي بحكم جنائي وسنة سجن في مستعمرة عقابية روسية
انتهت رحلة سبعة مواطنين مغاربة، بدأت من المغرب ومرّت عبر آسيا الوسطى، بمحاكمة جنائية في قلب روسيا بعدما اعتبرت السلطات القضائية الروسية أن ما جرى لا يندرج ضمن محاولة هجرة غير نظامية بالمعنى الإداري، بل يدخل في خانة العبور غير القانوني لحدود الدولة مع سبق الإصرار والتخطيط الجماعي.
فقد أصدرت محكمة مدينة نوفوترويتسك، التابعة لإقليم أورينبورغ جنوب روسيا، الثلاثاء، حكما يقضي بسجن سبعة مغاربة لمدة سنة واحدة لكل واحد منهم بعد إدانتهم بموجب المادة 322 الفقرة الثالثة، من القانون الجنائي الروسي وهي مادة تُشدد العقوبة عندما يتم عبور الحدود بشكل غير مشروع "ضمن مجموعة وباتفاق مسبق".
ووفق منطوق الحكم المنشور على الموقع الرسمي للمحكمة، فإن المدانين سيقضون عقوبتهم داخل مستعمرة عقابية بنظام عام، وهو نمط من مؤسسات السجن في روسيا يجمع بين الحرمان من الحرية والعمل الإلزامي المنظم.
القضية، كما عرضتها الصحافة الروسية، بدأت فصولها خارج روسيا فبحسب ما أوردته مواقع روسية متخصصة في أخبار المحاكم من بينها منصات إخبارية في إقليم أورينبورغ نقلت عن مصادر قضائية، فإن المعنيين بالأمر دخلوا كازاخستان ابتداء من شهر يونيو 2025، وهم يحملون نية واضحة، بحسب تعبير المحكمة، في "الانتقال من المغرب إلى فنلندا" ويعكس هذا المعطى اختيار مسار غير تقليدي للهجرة بات يستعمله مرشحون للهجرة في ظل تشديد الرقابة على الطرق الكلاسيكية عبر البحر المتوسط أو أوروبا الشرقية.
ومن كازاخستان، انتقل المواطنون السبعة وفق ما ورد في الحكم القضائي والتغطيات الروسية بواسطة سيارة إلى منطقة حدودية فاصلة بين كازاخستان وروسيا وفي محيط مدينة نوفوترويتسك، قرب قرية بريغورنويا، قرروا مواصلة الطريق سيرا على الأقدام، في محاولة لعبور الحدود الروسية بعيدا عن المعابر الرسمية وهذا التفصيل كان حاسما في توصيف الجريمة إذ اعتبرته المحكمة دليلا على التخطيط المسبق ومحاولة التحايل على أنظمة المراقبة الحدودية.
بعد دخولهم الأراضي الروسية، لم يتوقف المسار عند الجنوب، بل اتجه شمالا فقد استقل المدانون القطار في اتجاه منطقة لينينغراد، التي تشكل نقطة عبور أساسية نحو شمال غرب روسيا والحدود مع فنلندا غير أن الرحلة انتهت قبل بلوغ الهدف النهائي حيث جرى توقيفهم في محطة قطار مدينة فيبورغ الواقعة على مقربة من الحدود الفنلندية وتفيد الصحافة الروسية بأن عملية التوقيف تمت قبل العبور النهائي في إطار مراقبة أمنية دقيقة لتحركاتهم داخل التراب الروسي.
وقبل النطق بالحكم، كانت القضية قد مرت بمحطة أخرى كشفت عنها وسائل إعلام روسية نقلت عن مصادر قضائية وأمنية فقد تقدمت إدارة حرس الحدود التابعة لجهاز الأمن الفدرالي الروسي (FSB) في إقليم أورينبورغ بطلب إلى المحكمة من أجل تمديد الحبس الاحتياطي للمتهمين وهو ما استجابت له المحكمة في انتظار استكمال التحقيقات ويشير هذا المعطى كما تذهب إليه التغطيات الروسية إلى أن الملف عولج باعتباره قضية ذات بعد أمني وليس مجرد مخالفة إدارية مرتبطة بالإقامة أو التنقل.
الحكم الصادر، والقاضي بسنة سجنا لكل واحد من المتهمين يُنفذ داخل مستعمرة عقابية بنظام عام وهو إجراء تلجأ إليه المحاكم الروسية في قضايا العبور غير القانوني للحدود ووفق الشروح التي تقدمها الصحافة الروسية، فإن هذا النوع من العقوبات يُراد به الجمع بين الردع والعقاب في سياق تشديد الدولة الروسية قبضتها على حدودها، خاصة في المناطق التي باتت تُستعمل كمسارات غير مباشرة للهجرة نحو الاتحاد الأوروبي.
ورغم وفرة التفاصيل المتعلقة بخط السير، والتكييف القانوني، ونوع العقوبة، تلتزم المصادر الروسية الرسمية والإعلامية الصمت بخصوص هوية المدانين، إذ لم تُنشر أسماؤهم أو أعمارهم أو معطيات عن ظروفهم الاجتماعية كما لم تُشر التقارير إلى مرافعات الدفاع أو إلى ما إذا كان المتهمون يعتزمون الطعن في الحكم بالاستئناف ويعكس هذا النهج، بحسب متابعين للشأن القضائي الروسي، مقاربة تركز على الفعل الجرمي ومساره أكثر من التركيز على الأفراد.
وتسلط هذه القضية،الضوء على تحول جغرافي لطرق الهجرة غير النظامية فمسار "المغرب كازاخستان روسيا فنلندا" يكشف عن درجة المخاطرة التي بات مرشحو الهجرة مستعدين لتحملها في ظل انسداد الأفق وتشديد السياسات الحدودية الأوروبية كما يعكس في المقابل، تشددا روسيا متزايدا في التعامل مع قضايا العبور غير المشروع، خاصة في ظل السياق الجيوسياسي والأمني الذي يحيط بحدودها الغربية والشمالية.




