هل "خدعت" إسبانيا المغرب بـ"وهم" المونديال المشترك لتخفيف عبء الهجرة؟

 هل "خدعت" إسبانيا المغرب بـ"وهم" المونديال المشترك لتخفيف عبء الهجرة؟
الصحيفة - حمزة المتيوي
الخميس 7 نونبر 2019 - 13:30

رغم أن فكرة تقديم ملف مشرك بين المغرب وإسبانيا والبرتغال لاحتضان كأس العالم لكرة القدم ليست فكرة جديدة، إلا أنها وقبل عام من الآن صارت "على الورق" أقرب للتحقق من أي وقت مضى، بعدما عرض رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز على نظيره المغربي سعد الدين العثماني، الفكرة بشكل رسمي.

لكن المملكة المغربية، الذي ظلت تطارد حلم تنظيم المونديال منذ بداية التسعينات، والتي نافست من أجله دول كبرى مثل فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية، خفت صوتها الرسمي حول هذا الموضوع مؤخرا، وهو أمر قد يجد تفسيره في "عدم جدية الطلب الإسباني"، الشيء الذي أكده أيضا شخص مرشح لترؤس الحكومة الإسبانية، ويتعلق الأمر ببابلو كاسادو الذي أشار في مناظرة تلفزيونية إلى أن عرض مدريد للرباط بخصوص المونديال كان مجرد "مناورة" لتحقيق مكاسب في ملف الهجرة غير النظامية.

اليمين يفضح "الخدعة"

كما كان متوقعا، كان موضوع الهجرة غير النظامية وخاصة منها القادمة من المغرب، أحد أهم محاور المناظرة التلفزيونية التي بثتها القناة الإسبانية الأولى مساء الاثنين الماضي بين زعماء الأحزاب الخمسة التي حصلت على أكبر عدد من المقاعد في الانتخابات العامة الأخيرة في 28 أبريل 2019، والتي ستتنافس فيما بينها أيضا في الانتخابات السابقة لأوانها يوم 10 نونبر الجاري.

وضمت المناظرة زعماء أحزاب "سيودادانوس" الذي يمثل يمين الوسط و"بوديموس" الذي يمثل اليسار الراديكالي و"فوكس" الذي يمثل اليمين المتطرف، إلى جانب بيدرو سانشيز رئيس الحكومة الحالي وزعيم الحزب العمالي الاشتراكي، وبابلو كاسادو رئيس الحزب الشعبي اليميني، وهذا الأخير كان هو مفجر مفاجأة المونديال.

وفي سياق انتقاده للتدابير التي اتخذتها الحكومة الحالية لمواجهة موجات الهجرة، قال كاسادو إن سانشيز عندما زار المغرب في نونبر من العام الماضي استعمل ملف الترشيح المشترك بين إسبانيا والبرتغال والمغرب لاحتضان كأس العالم، من أجل "إقناع المغرب بالتصدي بشكل أكبر للمهاجرين".

وليست هذه هي المرة الأولى التي يشكك فيها زعيم الحزب الشعبي في نوايا غريمه عند تقديمه العرض المونديالي للرباط، لكنه هذه المرة كان أكثر صراحة في الكشف عن "الخديعة"، حيث أورد أن سانشيز كان يعلم أن إسبانيا قادرة على تنظيم المونديال بمفردها وأنها "بالفعل ستنظمه بمفردها، أو بشراكة مع البرتغال دون المغرب"، لكنه استغل طموح الجار الجنوبي للإسبان لكسب نقاط في ملف الهجرة.

الهجرة.. كلمة السر

مباشرة بعد لقائه بالملك محمد السادس في 19 نونبر الماضي، صرح سانشيز لوسائل الإعلام أنه قدم عرض التنظيم المشترك للمونديال إلى الحكومة المغربية في البداية ثم قدمه إلى الملك محمد السادس، معبرا عن "حماسه" لتقديم أول ملف مشترك بين القارتين الأوروبية الإفريقية، قبل أن يؤكد أن "الملك محمد السادس رحب بهذا المقترح".

لكن الهدف الذي كان واضحا أيضا من أول زيارة يقوم بها سانشيز للمغرب بصفته رئيسا للحكومة، كان هو مناقشة ملف الهجرة، حيث صرح قائلا "الهجرة مسؤولية مشتركة بيننا ويجب علينا تعزيز تعاوننا في هذا الملف"، وبالفعل فإن سانشيز لم يغادر المغرب إلا وهو يحمل وعدا من العثماني "ببذل المغرب كل ما في وسعه لماربة الهجرة السرية".

ويبدو أن هذه الزيارة نجحت بالفعل في وقف زحف المهاجرين السريين إلى إسبانيا انطلاقا من السواحل المغربية، إذ حسب الأرقام التي كشفت عنها وكالة "أوروبا بريس" الإسبانية مؤخرا، فقد تراجع عدد المهاجرين السريين القادمين من المغرب بنسبة 53 في المائة، فبعدما وصل عددهم سنة 2018 إلى نحو 48 ألف مهاجر،  تم تسجيل وصول أقل من 23 ألف مهاجر قبل شهرين من نهاية 2019.

أصل الحكاية

نبهت خسارة المغرب للسباق المونديالي لـ2026 أمام ملف الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك، إلى أن "الفيفا" صارت تفضل الملفات المشتركة لاحتضان منافسات كأس العالم بعدما قررت رفع عدد المنتخبات المشاركة من 32 إلى 48، وهو أمر كانت المملكة على دراية به مسبقا وحاولت بالفعل أن تدفع جيرانها الإيبيريين إلى مشاركتها في الملف.

وانتبه بيدرو سانشيز جيدا لهذه النقطة، كما انتبه أيضا لإصرار المغرب الكبير على تنظيم المونديال بعد أن فشل في احتضان نسخ 1994 و1998 و2006 و2010 و2026، لذلك استغل زيارته للرباط بعد 3 أشهر من آخر خسارة يُمنى الملف المغربي للعب على هذا الوتر، مقترحا الترشح لتنظيم ملف مونديال مشترك سنة 2030 بملف يضم البرتغال أيضا.

وقبل تأكيد سانشيز نفسه تقديم العرض للملك، قالت صحيفة "إلباييس" إن سانشيز التقى سعد الدين العثماني وطرح عليه فكرة التنظيم المشترك، أن هذا الأخير أبدى قبوله بالفكرة باعتبارها "تنسجم مع طموح المغرب"، على الرغم من أن فكرة الترشح لتنظيم مونديال مغاربي مشترك مع الجزائر وتونس كانت قد بدأت تلوح في الأفق.

البرتغال خارج التغطية

لكن جدية هذا المقترح اهتزت بعد يومين فقط من ذلك، إذ اتضح أن البرتغال لم تكن على علم به وأن سانشيز لم يفاتح جاره الأوروبي أنطونيو كوستا رئيس الوزراء البرتغالي في هذا الموضوع، وإن كان هذا الأخير قد صرف موقفه بطريقة دبلوماسية.

ففي 21 نونبر 2018 نقلت وكالة "إيفي" الإسبانية عن كوستا قوله إن بلاده "مستعدة لتدارس فكرة التنظيم المشترك للمونديال في حال ما إذا توصلت بها رسميا"، مبديا إيمانه "بالأهمية الاستراتيجية للعلاقات بين لشبونة ومدريد والرباط" وترحيبه "بجميع الأفكار التي ستقوي هذه العلاقات".

لكن كوستا لم يحسم وقتها في اقتناعه بفكرة الملف المشترك إذ اعتبر أن هذه الخطوة "لها أوجه ربح لكنها أيضا ستكون مكلفة"، موردا أن دراسة المقترح ستتم من طرف الحكومة البرتغالية والاتحاد المحلي لكرة القدم والأحزاب السياسية.

معارضة إسبانية

ولكن موقف الحكومة البرتغالية "الغامض" ليس وحده الذي يشي بعدم جدية عرض سانشيز للمغرب، بل إن ما عبر عنه الاتحاد الإسباني أياما بعد ذلك يبدو أكثر انسجاما مع ما طرحه زعيم الحزب الشعبي في مناظرة أول أمس حول أن ذلك العرض لم يكن إلا "ورقة مساومة سياسية".

ففي 25 نونبر الماضي نقلت تقارير إعلامية إسبانية عن لويس روبياليس رئيس الاتحاد الإسباني لكرة القدم رفضه تنظيم إسبانيا مونديالا مسشتركا مع المغرب، معبرا عن استعداده التعاون مع البرتغال فقط، وهو الأمر الذي برره بمظاهر سوء التنظيم التي عرفتها مباراة نهائي السوبر الإسباني بين برشلونة وإشبيلية التي احتضنها الملعب الكبير لطنجة في شهر غشت من السنة نفسها.

وفي شهر يونيو الماضي، قطع الاتحاد الإسباني الشك باليقين عندما نشر على موقعه الإلكتروني الرسمي بيانا يعلن فيه شروعه في "إعداد ملف ثنائي بين إسبانيا والبرتغال لاحتضان كأس العالم 2030"، دون أن تصدر عن رئيس الحكومة الإسبانية أي تبريرات لتراجع بلده عن العرض الذي قدمه للحكومة المغربية.

آن الأوان للمغرب أن يدير ظهره كليا للجزائر!

لا يبدو أن علاقة المغرب مع الجزائر ستتحسن على الأقل خلال عِقدين إلى ثلاثة عقود مُقبلة. فحتى لو غادر "عواجز العسكر" ممن يتحكمون بالسلطة في الجزائر، فهناك جيل صاعد بكامله، ...