حكومة أخنوش.. تواصل منعدم ومسلسل من السقطات و"نجاح باهر" في إعادة الاحتقان إلى الشارع

 حكومة أخنوش.. تواصل منعدم ومسلسل من السقطات و"نجاح باهر" في إعادة الاحتقان إلى الشارع
الصحيفة - حمزة المتيوي
السبت 15 يناير 2022 - 18:21

تجاوزت حكومة عزيز أخنوش، التي رأت النور بتعيين وزرائها من طرف الملك محمد السادس يوم 7 أكتوبر 2021، شهرها الرابع، وهي مدة لا يُمكن خلالها الحكم على تجربة حكومية بالنجاح والفشل ما دامت لا تشكل سوى فترة قصيرة من عمر تجربة يفترض أن تمتد لـ5 سنوات، لكنها مكنت المغاربة من الحصول على صورة موضوعية حول قدرتها على التعامل مع المشاكل والأزمات، وكانت كافية للكثيرين للتعبير عن سخطهم على تجربة علقوا عليها طموحاتهم بشكل غير مسبوق.

وفي الحالة المغربية كانت المائة يوم الأولى من الحكومة الحالية، المكونة من أحزاب التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة والاستقلال، كافية لملء سجلها بالأخطاء التي تصل أحيانا لدرجة الفضائح، ولتكوين صورة في أذهان المغاربة مفادها أن شعار "تستاهلوا احسن" الذي رفعه رئيسها عزيز أخنوش خلال الحملة الانتخابية، لا زال بعيدا عن الواقع، في ظل أن بداياتها حملت معها عناوين مثل عودة تفشي كورونا وغلاء الأسعار واحتقان الشارع بفعل الاحتجاجات على قرارات ذات طبيعة اجتماعية.

تواصل "مُنقرض" بعد الانتخابات

لا يختلف اثنان في أن إحدى أسرار النجاح الكبير لحزب التجمع الوطني للأحرار في الانتخابات العامة لـ8 شتنبر 2021، كان هو الحملة الكبيرة التي نظمها الحزب خاصة عبر منصات التواصل الاجتماعي، بما في ذلك الصفحة الشخصية لعزيز أخنوش، الذي اعتاد تصوير فيديوهات يخاطب فيها المغاربة بشكل مباشر، وكانت آخر مرة ينشر فيها شيئا مماثلا يوم 7 شتنبر الماضي، أي يوما واحدا قبل الاستحقاقات التي ستُعلنه رئيسا للحكومة.

وكان ذاك آخر فيديو يتواصل فيه أخنوش عبر صفحته الرسمية، التي باتت مهجورة منذ ما يزيد عن 4 أشهر، وخلال هذه المدة انتقل هذا الأخير إلى الصفحة الرسمية لرئيس الحكومة، لكن منشوراتها لا تزيد عن كونها تهاني بالمناسبات الدينية والوطنية أو متابعات موجزة لأنشطة بروتوكولية أو اقتباسات من كلامه أمام البرلمان أو المجلس الحكومي، في الوقت الذي يتفادى فيه التفاعل مع أي قرار أو موضوع مثير للجدل، عكس ما كان يفعله سلفاه عبد الإله بن كيران وسعد الدين العثماني.

وأضحى غياب أخنوش عن الإعلام، بما في ذلك المنابر العمومية، أمرا ملحوظا خلال الأشهر الأولى لولايته، وهو الأمر الذي أثاره أيضا تقرير رصد حصيلة العمل الحكومي خلال الـ100 يوم الأولى، الذي أعده مرصد العمل الحكومي ومركز الحياة لتنمية المجتمع المدني، والذي لاحظ "غياب أي مبادرات أو خرجات تواصلية لرئيس الحكومة، حيث سجل غيابه شبه التام عن التواصل حول مختلف التدابير والإجراءات الحكومية، أو تقديم توضيحات فيما يخص مجموعة من الملفات والقرارات المثيرة للجدل التي اتخذتها الحكومة".

عودة الغضب إلى الشارع

ورغم أن حكومة أخنوش أتت أساسا على أكتاف مشاكل اجتماعية متراكمة في عهد حكومة سلفه سعد الدين العثماني، والتي فاقمتها جائحة كورونا، بالإضافة إلى كون رئيسها تعهد أمام البرلمان بالعمل على بناء الدولة الاجتماعية انطلاقا من النموذج التنموي الجديد، إلا أنها بدأت عهدها بإعادة الأزمات ذات الطابع الاجتماعي إلى الواجهة، وتحديدا ملف غلاء الأسعار التي ارتفعت بشكل واضح في الأيام الأولى التي تلت الانتخابات، ولأول مرة منذ سنوات عاد المغاربة للاحتجاج في الشارع ضد الغلاء.

ولكي تزيد الحكومة بسرعة إلى رصيدها مشكلة اجتماعية جديدة، صَدم وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بن موسى، الكثير من الشباب الذين تجاوز عمرهم 30 ربيعا، بقرار حرمانهم من مباريات توظيف الأساتذة أطر الأكاديميات الجهوية، في خطوة أدت إلى غليان في الشارع وفي الجامعات، تزامنا مع احتجاجات أخرى كان يخوضها الاساتذة المُتعاقدون من أفواج سابقة للمطالبة بإدماجهم في سلك الوظيفة العمومية.

وكانت هذه "المفاجئات" بمثابة "هدية" من الحكومة الجديدة للمغاربة، لتضع وعود أخنوش الانتخابية، ثم التزاماته أمام البرلمان خلال عرض البرنانج الحكومي، على محك المصداقية، وهو الذي كان قد تعهد يوم 11 أكتوبر 2021 بالارتكاز على عدة مبادئ توجيهية من بينها "مأسسة العدالة الاجتماعية ووضع رأس المال البشري في صلب تنزيل النموذج التنموي للمغرب، وجعل كرامة المواطن أساس السياسات العمومية، وتوسيع قاعدة الطبقة الوسطى وتعزيز قدرتها الشرائية".

كورونا والقرارات الغريبة

وكما كان متوقعا، تحول فيروس كورونا بسرعة إلى امتحان حقيقي لحكومة أخنوش، فهذه الأخيرة أتت في زمن الجزر في أعداد الإصابات الجديدة ومعدلات الوفايات والحالات الحرجة، وفي زمن المد في عمليات التلقيح التي جعلت المغرب الأول إفريقيا ومن بين أكثر دول العالم تلقيحا لمواطنيها، لكن الأمر ما لبث عن انقلب رأسا على عقب.

وفجأة ظهر قرار وزير الصحة والحماية الاجتماعية، خالد آيت الطالب، بإلزامية التوفر على جواز التلقيح لولوج المرافق والفضاءات العامة، ثم قرار الجرعة الثالثة المعززة التي بدأت اختيارية قبل أن تُلح الحكومة عليها لدرجة أنها ربطت الحصول على الجواز النهائي بتلقيها، الأمر الذي جعل الكثير من الناس يعتقدون بأن الأمر يتعلق بالتراجع عن "اختيارية التلقيح"، وسط انتشار العديد من الشائعات والأخبار الزائفة ونظريات المؤامرة بخصوص تبعات التطعيم التي لم تجد من الوزراء المعنيين ومن رئيس الحكومة نفسه أي مجهود تواصلي لتفنيدها، وجدت الحكومة نفسها أمام احتجاجات عمت الشارع وأدت قراراتها في المُحصلة إلى تراجع واضح في الإقبال على التلقيح.

ولكي يزداد الأمر تعقيدا، قررت الحكومة فرض الإغلاق الجوي الذي خلف وضعا مشابها لذاك الذي عاشه المغاربة خلال الأهر الأولى من الجائحة، نتيجة وجود الآلاف من العالقين خارج أرض الوطن من جهة، ومعاناة القطاع السياحي وقطاع الطيران من خسائر جسيمة، كل ذلك كان في سبيل "منع" وصول متحور "أوميكرون" إلى المملكة، لكن المعطيات الرسمية حاليا تؤكد أن أغلب الإصابات مردها لهذا الفيروس، دون أن يُفلح ذلك في إقناع الحكومة بالتراجع عن قرار منع الرحلات الجوية، دون أي تفسير.

مسلسل من الفضائح

ولا يمكن الحديث عن الأيام المائة الأولى من عمر حكومة أخنوش دون التطرق لمحطات تُصنف في خانة "الفضائح"، أولها موضوع تعيين نبيلة الرميلي في منصب وزيرة الصحة والحماية الاجتماعية، قبل أن يجري إعفاؤها بطلب من أخنوش نفسه، وفق ما جاء في بلاغ للديوان الملكي، نظرا لرغبتها في "التفرغ الكامل" لمهمتها الأخرى كرئيسة للمجلس الجماعي لمدينة الدار البيضاء، ليُعوضها سلفها خالد آيت الطالب، وهي الخطوة التي يكتنفها إلى حدود الآن الكثير من الغموض.

وفي نونبر الماضي جاءت الوزيرة الاستقلالية، عواطف حيار، بفضيحة جديدة، عندما عينت زوجها المقدم الخديوي، مستشارا "برتبة وزير" إثر توقيعها وثيقة تكلفه بمهام "التعاون والتنمية الاجتماعية والشؤون العامة"، التي تدخل في إطار الصلاحيات المباشرة للوزيرة ذاتها، ولجأت لذلك بعد أن منعتها الانتقادات عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي من تعيينه مديرا لديوانها، ولكي تمنح "صك الغفران" لخطوتها هذه جعلت مبررها هو التعلل بـ"مواكبة تنزيل المشاريع التي تهم القطاع، والمتضمنة في تقرير النموذج التنموي الجديد لبلادنا".

وكان أخنوش نفسه محط غضب وسخرية في أول ظهور له لتمثيل المملكة خارج أرض الوطن، حين حل بالمملكة العربية السعودية للمشاركة في قمة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر، إذ بالإضافة إلى تعثره في قراءة خطابه وانحناءته المبالغ فيها أمام ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، لم ينتبه رئيس الحكومة إلى أنه وضع على صدره خارطة للمملكة بدون أقاليم الصحراء، والتي كانت مرسومة على شعار القمة.

كوكب الجزائر

كثيرة هي الأمور التي يمكن استنتاجها من "معركة القميص" بين المغرب والجزائر، والتي هي في الحقيقة صدام بين فريق لكرة القدم يمثل مدينة مغربية صغيرة غير بعيدة عن الحدود الجزائرية، ...