"أونسا" لـ "الصحيفة": لم نرصد أي تلوث في شحنة الطماطم المغربية والتحقيقات كشفت أن البقايا المعدنية ظهرت بعد إعادة التلفيف في أوروبا

 "أونسا" لـ "الصحيفة": لم نرصد أي تلوث في شحنة الطماطم المغربية والتحقيقات كشفت أن البقايا المعدنية ظهرت بعد إعادة التلفيف في أوروبا
الصحيفة - خولة اجعيفري
الأربعاء 17 شتنبر 2025 - 21:02

علمت "الصحيفة" من مصادر مسؤولة في المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية ONSSA، أن تحقيقا معمقا باشره المكتب فور تلقيه الإنذار الأوروبي المتعلق بشحنة الطماطم الكرزية الموجهة إلى السوق الأوروبية بتاريخ 28 غشت الماضي، وخلص إلى عدم تسجيل أي تلوث أو خلل في جميع المراحل التي خضعت للمراقبة، من الغسل والتلفيف مروراً بالنقل والتفتيش بالميناء وصولاً إلى فحص العينات المرجعية.

المصادر ذاتها أوضحت في تصريح لـ "الصحيفة" أن بقايا المعدن التي جرى التبليغ عنها يوم 8 شتنبر لم تُسجل على التراب المغربي، بل ظهرت بعد إعادة تلفيفٍ جزئي للبضاعة قام به المستورد في أوروبا، قبل أن تؤكد لجنة تدقيق هولندية زارت محطة التلفيف بالمغرب يوم 11 شتنبر أن أي احتمال لتلوث داخل المغرب مستبعد بشكل قاطع.

وبحسب المعطيات التي عرضها المصدر المسؤول في المكتب، فقد انصبت التحقيقات على شحنة بتاريخ 28 غشت 2025 موجهة نحو السوق الأوروبية، حيث شملت المراقبة كل المراحل من الغسل والتلفيف، مروراً بالنقل والتفتيش بالميناء، ووصولا إلى فحص العينات المرجعية.

وأكدت "أونسا" أن نتائج هذه الفحوص لم تسجل أي خلل أو وجود تلوث معدني بل إن المعطيات المتوفرة تشير إلى أن ما تم الإبلاغ عنه من بقايا معدنية، بتاريخ 8 شتنبر الجاري، جاء بعد أن أقدم المستورد الأوروبي على إعادة تلفيف جزئي للبضاعة على أراضي الاتحاد الأوروبي نفسه.

وتابع المكتب الوطني أنه في إطار التحقق الإضافي وتفادي أي التباس، قامت لجنة هولندية تمثل المستورد بزيارة ميدانية إلى محطة التلفيف بالمغرب يوم 11 شتنبر الجاري لإجراء افتحاص شامل، ليخلص تقرير التدقيق الصادر في اليوم الموالي (12 شتنبر) إلى استبعاد أي احتمال لتعرض الطماطم المغربية لأي تلوث على مستوى المحطة الوطنية وهو ما يفتح الباب أمام فرضية أن التلوث المزعوم قد يكون وقع خارج المغرب، سواء أثناء عمليات النقل البحري، أو خلال التخزين وإعادة التلفيف في أوروبا.

ويأتي هذا التوضيح الذي خصت به "أونسا" الصحيفة، عقب الإنذار الأوروبي الذي حمل الرقم المرجعي 2025.6942، وصنّف الطماطم المغربية ضمن خانة "الخطر الكبير"، وكان قد أثار حالة استنفار غير مسبوقة في السوق الأوروبية حيث تقرر سحب الشحنة من السوق الهولندية وتعميم الإنذار على باقي الدول التي استقبلت البضاعة، ومنها ألمانيا والدنمارك وجمهورية التشيك والمملكة المتحدة، فضلاً عن بلد المنشأ المغرب.

ورغم تأكيد الإنذار أن هذه الإجراءات تندرج في إطار التدابير الاستباقية، وأنه لم تُسجل أي أعراض مرضية أو حالات تسمم غذائي مرتبطة بالطماطم المغربية، إلا أن مجرد وضعها في خانة "الخطر الكبير" كفيل بإلحاق أضرار بسمعة المنتوج المغربي في أسواق تعد الوجهة الأولى لصادراته الفلاحية.

وهذه القضية تتجاوز طابعها الغذائي والتقني لتتحول إلى أزمة متعددة الأبعاد فالطماطم المغربية، التي تعد ركيزة أساسية في الصادرات الزراعية وتشكل مصدرا رئيسيا للعملة الصعبة، تجد نفسها أمام اختبار صعب على أبواب الاتحاد الأوروبي إذ إن تكرار مثل هذه الإنذارات يمكن أن يترجم عملياً إلى تشديد دائم في المراقبة على الحدود الأوروبية، وربما إلى إعادة النظر في بنود بعض الاتفاقيات التجارية.

الخسائر المحتملة لا تقتصر على المصدرين الكبار الذين يملكون القدرة على امتصاص الصدمات، بل تمتد إلى آلاف الفلاحين الصغار المرتبطين بسلاسل الإنتاج والتصدير وهؤلاء قد يجدون أنفسهم في مواجهة مباشرة مع تبعات مالية واجتماعية قاسية إذا ما تراجع الطلب الأوروبي على الطماطم المغربية أو فُرضت عليها قيود إدارية إضافية. ومن شأن ذلك أن يحول الأزمة من مجرد حادثة تقنية محدودة إلى معضلة اقتصادية واجتماعية تمس النسيج الفلاحي المغربي برمته.

وإضافةً إلى الجانب التقني، تفتح هذه الواقعة نافذة على أبعادا سياسية وتجارية لطالما شكلت خلفية التوتر بين المغرب وبعض شركائه الأوروبيين فالمنافسة المحتدمة مع المنتجين الإسبان والفرنسيين، تجعل من أي حادثة مرتبطة بالصادرات المغربية مادة خصبة للاستغلال الإعلامي والسياسي داخل الاتحاد الأوروبي.

وبالنظر إلى حساسية ملف الأمن الغذائي في أوروبا، فإن تضخيم مثل هذه القضايا ينعكس سريعا على المستهلك الأوروبي، الذي قد يفقد ثقته في المنتوج المغربي، مما يضعف قدرته التنافسية لصالح المنتجات المحلية.

وتعكس القضية في العمق تعقيدات العلاقة بين المغرب والاتحاد الأوروبي في مجال الصادرات الفلاحية فبينما يمثل الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأول للمغرب والوجهة الأساسية لمنتجاته الزراعية، تكشف هذه الأزمة أن ثقة السوق الأوروبية يمكن أن تتزعزع بسرعة بفعل إشعار واحد، حتى في غياب أدلة قاطعة على مسؤولية الجانب المغربي.

ومع استمرار الغموض الأوروبي وصمت المؤسسة الوطنية، يبقى مستقبل سمعة الطماطم المغربية، بل والصادرات الزراعية المغربية ككل، رهيناً بقدرة السلطات على اتخاذ قرارات ملموسة وتبني خطاب تواصلي شفاف يحمي مصالح البلاد.

القفطان.. وأزمة الهوية عند الجزائريين

طُويت معركة أخرى أرادت الجزائر أن تخوضها ضد المغرب، وهذه المرة ليس في مجلس الأمن بخصوص قضية الصحراء، بل داخل أروقة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، التي تعقد ...

استطلاع رأي

مع قُرب انطلاق نهائيات كأس إفريقيا للأمم "المغرب2025".. من تتوقع أن يفوز باللقب من منتخبات شمال إفريقيا؟

Loading...