وثيقة.. المغرب حذَّر رسميا في 2019 من خطر التجسس على الهواتف بواسطة برنامج "بيغاسوس"

 وثيقة.. المغرب حذَّر رسميا في 2019 من خطر التجسس على الهواتف بواسطة برنامج "بيغاسوس"
الصحيفة – حمزة المتيوي
الجمعة 23 يوليوز 2021 - 22:34

يسرع المغرب في تحركاته الهادفة لنفي تهمة استهداف العديد من رؤساء ومسؤولي الدول والصحافيين بواسطة برنامج التجسس الإسرائيلي "بيغاسوس"، حيث أعلنت رئاسة النيابة العامة فتح بحث قضائي حول ما ورد في "التحقيق الاستقصائي" الذي نشرته 17 مؤسسة صحفية عبر العالم بتنسيق من طرف مؤسسة "فوربيدن ستوريز" الموجود مقرها في باريس ومنظمة العفو الدولية، هاتان الأخيرتان اللتان قررت الرباط مقاضاتهما أمام المحاكم الفرنسية، وهي خطوات لجأت إليها بعد أن طالبت ناشري تلك المواد بتقديم دليل مادي حول ما نُشر.

وتُشدد المملكة على نفي أي صلة لها بعمليات التجسس المنظمة التي لم تكشف المواد الصحفية المنشورة عن الجهة التي تقف وراءها، وإن كانت قد أورد أن من بين من استهدفوا بها الملك محمد السادس نفسه إلى جانب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والعديد من الشخصيات السياسية والعسكرية الأخرى بالإضافة إلى 38 صحافيا، وكلهم تندرج خطوطهم الهاتفية ضمن لائحة "مسربة" من 10 آلاف رقم يقول القائمون على التحقيق إنهم حصلوا عليها.

وفي الوقت الذي تنتظر فيه الرباط دليلا على ما نُشر، توصلت "الصحيفة" إلى وثيقة تؤكد أن المغرب كان قد حذر رسميا من برنامج التجسس "بيغاسوس" الذي طورته شركة NSO الإسرائيلية، وذلك في ماي من سنة 2019، أي خلال الفترة التي تشملها التسريبات التي تهم المملكة والتي يقول الناشرون إنها تمتد ما بين 2017 و2019.

والوثيقة التي تنشر "الصحيفة" مضامينها، صادرة عن إدارة تدبير مركز اليقظة والرصد والتصدي للهجمات المعلوماتية في المديرية العامة لأمن نظم المعلومات، وهي مؤسسة تابعة لإدارة الدفاع الوطني التي يوجد على رأسها وزير منتدب لدى رئيس الحكومة هو عبد اللطيف لوديي، أي أن التحذير صادر في نهاية المطاف عن السلطة الحكومية المكلفة بالجيش.

وتنطلق الوثيقة من معطيات تقنية لتُحَذر من أن الهواتف العاملة بنظام "أندرويد" 2.19.134 و"إيوس" 2.19.51، معرضة للاختراق من خلال ثغرة موجودة في تطبيق "واتساب"، والتي تتيح التسلل إلى الهاتف الذكي وتثبيت برنامج التجسس عليه، وذُيِّل التحذير بروابط لـ3 تقارير صحفية تتحدث بالتفصيل عن طبيعة هذا الخطر، والتي تشرتها شبكة BBC وشبكة Sky البريطانيتان وشبكة CNN الأمريكية.

وبالولوج إلى التقرير المطول والمفعم بالتفاصيل التقنية الذي وجهت له إدارة الدفاع الوطني المغربية، والمنشور إلى غاية اليوم على موقع BBC نجد أنه يتحدث عن بشكل صريح عن أن البرنامج الرئيس لعمليات الاختراق هو "بيغاسوس" الذي طورته NSO ويقول إن لديه القدرة على الوصول إلى البيانات الشخصية المُخزنة داخل الهاتف المستهدف، بما يشمل التقاط المعلومات من خلال الميكروفون والكاميرا.

ويعني ذلك أن المغرب كان على علم بوجود أنشطة تجسس على أراضيه تستهدف الهواتف، لكنه يعتبر مواطنيه ضحايا مفترضين لها، لذلك نبههم إلى ضرورة تحديث تطبيق "واتساب" ونظام الهاتف الذكي للتحقق من عدم اختراق بياناتهم الشخصية، وهو الأمر الذي يطرح علامة استفهام مفادها: إذا كانت السلطات المغربية تقف وراء عمليات تجسس بواسطة هذا البرنامج، فلماذا أقدمت على التحذير منه؟.

وبالعودة إلى المعطيات الواردة في حلقات "التحقيق الاستقصائي" التي تهم المغرب، نجد أنها لا تجزم بأهداف المملكة من وراء تلك العمليات بما في ذلك ما يتعلق بـ"استهداف" الرئيس الفرنسي، وإنما تستند إلى "فرضيات" تضع قضية الصحراء في موقع الدافع المحتمل الرئيس، إلى جانب رغبتها في معرفة مستقبل الأمور في الجزائر التي كانت، سنة 2019، تشهد حراكا احتجاجيا كبيرا ضد النظام، وهي السنة نفسها التي صدر فيها تحذير إدارة الدفاع الوطني.

كما أن هذا التحقيق، الذي نشرت صحيفة "لوموند" نسخته الفرنسية وموقع "درج" الموجود مقره في لبنان نسخته العربية، لا يكشف عن طبيعة الجهاز الاستخباراتي المغربي الذي يقف وراء العملية برمتها، بل يكتفي، نصاً، بوضع احتمالات مُرفقة بعبارات "تشكيك"، فيقول إن الجهة المسؤولة "قد تكون" المديرية العامة للدراسات والمستندات أو المكتب الثاني أو المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، فيما يستبعد القصر الملكي عن دائرة "الشكوك" على اعتبار أن هاتف الملك نفسه تعرض للاستهداف.

وباستحضار افتراض جدلي بوجود "صراع أجهزة" في المغرب أدى إلى هذا "التناقض" بين التحذير من برنامج "بيغاسوس" من جهة واستخدامه من جهة أخرى، يقفز إلى الأذهان تساؤل مفاده: ما دام "التحقيق الاستقصائي" قد تمكن من الوصول إلى 10 آلاف رقم كان "يستهدفها" المغرب طيلة سنتين وتُمثل 20 في المائة من مجموع الأرقام المستهدفة عبر العالم، وما دام أن من عملوا عليه يمثلون 17 مؤسسة صحفية كبرى من بينها "واشنطن بوست" الأمريكية و"الغارديان" البريطانية و"هآرتس" الإسرائيلية، مدعومين بالمختبر التقني لمنظمة العفو الدولية، فكيف عجزت المادة عن الوصول إلى هوية الجهة التي نفذت هذا "المخطط الاستخباراتي" الضخم الذي لم ينجُ منه حتى الملك؟.

هل الدولة الجزائرية عبارة عن "هجرة غير شرعية في التاريخ"؟

في حوار أجريناه في "الصحيفة" شهر غشت من سنة 2021 مع نور الدين بوكروح الذي يعتبر من السياسيين والمثقفين القلائل في الجزائر الذين ينتقدون "نظام الحكم" في البلاد المبني على ...