مُحاولة جديدة لإضحاك العالم !

 مُحاولة جديدة لإضحاك العالم !
الصحيفة – افتتاحية
الأثنين 4 مارس 2024 - 12:12

خلال السنوات الأخير ترسخت لدى الكثيرين، مغاربة وغير مغاربة، قناعة مفادها أن تصرفات قادة الجزائر، التي برزت بشكل خارج عن السيطرة بعد وصول الطبقة الحاكمة الحالية إلى السلطة إثر حراك 2019، هي أساسًا حالة نفسية معقدة تستحق الدراسة، لكن اليوم يحِق لنا أن نتساءل، بموضوعية وإنصاف، ودون أي خلفيات، ما إذا كان الأمر حالة عقلية.

لا يمكن تفسير ما يأتينا من الحدود الشرقية للمملكة، منطقيا، إلا في هذا النطاق.. فالأمر أصبح شبيها بمرض عقلي جماعي، ليس مُستبعدا أنه أصاب بشكل متزامنا الماسكين بزمام الأمور في الجزائر، ما دمنا نتحدث عن أشخاص بلغوا من العمر عتيا (عُمر عبد المجيد تبون والسعيد شنقريحة مثلا يقارب الـ79)، ولم يُفلح شيء في إقناعهم بالعودة إلى الواقع.

مناسبة هذا الكلام، أو بالأحرى هذا "الاستنتاج"، ليس ما سُمي بإعلان افتتاح مكتب لـ"تمثيلية الريف" في الجزائر، لأن في صُلبه ليس إلا طلقة فارغة نعلم جميعا أن الهدف منها هو محاولة فرملة المغرب عن المُضي قُدما في طرح ملف تقرير مصير منطقة القبائل داخل الأمم المتحدة، الذي تحمله على عاتقها حركة "الماك" التي يتمركز قادتها في فرنسا بشكل علني.

ولكن ما دفعنا لذلك هو "الإخراج" التي اختير لهذه "المسرحية"، التي، أيضا، لن نخرج قيد أنملة عن الموضوعية إذا ما وصفناها بـ"الهزلية"، ومن أراد أن يتحقق من ذلك، فليذهب، دون خلفيات ودون أحكام مسبقة، لمُشاهدة الفيديو المُعلِن عن هذا "الحدث" الذي خصته وسائل إعلام رسمية جزائرية بالتغطية، وسوقته كـ"ضربة دبلوماسية قاسية" للمغرب.

حرفيا، اجتمعَ 5 أشخاص لإعلان تدشين تمثيليتهم، بحركات غير متزنة ووِفق "مراسيم" أقرب للباروديا، حتى يكاد يُقسم من يتابعهم أن الأمر يتعلق بتقليد كوميدي لما يجري في واحدة من الديكتاتوريات المُتخلفة شكلا ومضمونا، أو بمُحاولة لتقليد بعض مشاهد شارلي شابلن في فيلم "الديكتاتور" الصادر سنة 1940، لولا أن هذا العمل الفني المرجعي مُتقن بمراحل كثيرة جدا عما شاهدناه في الجزائر.

هو ذاته النهج الذي يسلكه سكان "المرادية" مع ملف الصحراء، والذي يجد، لمزيدٍ من السخرية، من يؤمن به، فمن رأى وجوه "قيادات" مكتب "جمهورية اللايف"، يتذكر كيف أن الآلاف مرميون وسط رمال تندوف بين الريح والحصى، وهم يهللون لـ"جمهورية" شاحبة على أرض الغير، صفراء اللون من فرط القحط، كل تفصيلة فيها تنم عن البؤس والتخلف.. والانفصال عن الواقع.

قد يكون عهد الملك الراحل الحسن الثاني مليئا بالمؤاخذات، لكن الزمن ما زال يثبت لنا أن الرجل كان حكيما عندما قال إنه يريد أن "يعرف الناس مع من حشرنا الله في الجوار"، وها نحن اليوم حيارى، لا نعرف كيف نتصرف مع نظام صار أقصى أمانينا أن تستفيق ذات يوم لنجد على رأسه عُقلاء، حتى نستقر على حال: نغضب أم نضحك.

وفي نهاية المطاف، الواقع لا يرتفع، وقد يكون "التخدير" إحدى الحلول للهروب منه، لذلك يبدو "مُتفهَّمَا" أن يلجأ له تبون وشنقريحة ومن معهما من شيوخ، ليُشيحوا أنظارهم قليلا عن تفاصيله.. هذا الواقع، الذي يشهد أن العالم أصبح أكثر اقتناعا من أي وقت مضى، بأن قضية الصحراء لن يكون لها حل خارج السيادة المغربية، وأن لا أحد يريد دُويلة جديدة مُهلهلة في منطقة شمال إفريقيا.

هذا الواقع يقول أيضا إن جوار الجزائر، ممثلا في دول الساحل، وخصوصا مالي والنيجر، بدأ يشيح أنظاره بعيدا عنها، بل ودخل معها في معركة كسر عظام دون أي مُركب نقص، وأخذ يبحث عن مصالحه المُستقبلية مع المغرب، البلد الذي يتحدث معه لغة الواقع والمصالح، بعيدا عن تخاريف شيوخ اعتلت صحتهم العقلية والجسدية معا.

مصير الجزائريين أن ينتبهوا لذلك، طال الزمان أو قصر، لكن كم ستكون قد كلَّفتهم الطبقة الحاكمة، مُنتهية الصلاحية، قبل الوصول إلى هذه المحطة؟.. لا أحد يعرف.

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

آن الأوان للمغرب أن يدير ظهره كليا للجزائر!

لا يبدو أن علاقة المغرب مع الجزائر ستتحسن على الأقل خلال عِقدين إلى ثلاثة عقود مُقبلة. فحتى لو غادر "عواجز العسكر" ممن يتحكمون بالسلطة في الجزائر، فهناك جيل صاعد بكامله، ...